مقالات رأي

مقال رأي | تباين في وجهات النظر والمصالح بين صناع القرار ينذر بكوارث أمنية في العاصمة طرابلس

صرحت السلطات الأمنية بالعاصمة الليبية طرابلس قبل عدة أيام، بالعثور على 10 أشخاص مقتولين داخل منزل بمنطقة أبوسليم، وأشارت السلطات أن من بين الضحايا عناصر من ميليشيا تابعة لجهاز دعم الاستقرار الذي يرأسه عبدالغني الككلي “غنيوة”، وهو ما أثار حالة من السخط بين صفوف المواطنين بسبب المخاوف من تدهور الإستقرار وعودة الإشتباكات المسلحة.

وفي ضوء هذه التطورات شدد وزير الداخلية عماد الطرابلسي على ضرورة محاسبة كل من يثبت تورطه في مجزرة أبوسليم بلا استثناء ومهما كانت صفته، وأكد أن القانون فوق الجميع. حيث أوضح الطرابلسي أنه أصدر تعليماته إلى مديرية أمن طرابلس بمتابعة القضية تحت إشرافه مباشرة.

فضلًا عن ذلك، أكد وزير الداخلية على ضرورة إخلاء العاصمة طرابلس من جميع الأجهزة الأمنية، وأنه سيتم وضع ترتيبات سريعة لذلك، بحيث تنتهي جميع الإجراءات لخروج الأجهزة الأمنية وجميع التشكيلات المسلحة قبل نهاية شهر رمضان. وعلى الرغم من هذه التصريحات المباشرة والحاسمة من وزير الداخلية، الا أن هناك شكوك عديدة تحوم حول إمكانية تحقيق هذا الهدف.

وعلق بعض المواطنين على مواقع التواصل الإجتماعي على هذه التصريحات بأنها تهدف لخلق حالة من الطمأنينة بين صفوف المواطنين، خصوصًا بعد أن أصبح من الواضح وجود خلافات بين الأجهزة الأمنية المختلفة، وقد تصل الخلافات الى حد الإشتباك في الأيام القليلة المقبلة.

على الصعيد الأخر، كان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، قد أكد في مقابلة على “بودكاست” إن مسلحي الميليشيات هم “أبناء وفلذات أكباد الليبيين الذين دافعوا عن أعراضهم ومقدساتهم في الشوارع من الغازي ومن الذين يريدون تخريب ليبيا”، وأضاف:”شعارنا واضح في حكومة الوحدة الوطنية أن الشعب الليبي كفاه حكومات انتقالية جديدة، ونريد الذهاب إلى الاستقرار بقوانين عادلة لا تستثنى أي شخص في ليبيا، ويكون كل الليبيين فيها سواسية”.

بالإضافة الى أنه وخلال الأسابيع القليلة الماضية كان قد أتفق مع شركة أمينتوم الأمنية الخاصة التابعة لواشنطن على تدريب القوات والميليشيات المسلحة، حيث التقى الدبيبة في العاصمة طرابلس بنائب الرئيس العملياتي لشركة أمينتوم جون بوزارث، وقام بالاتفاق معه على كل تفاصيل التعاون لتوحيد وتدريب الميليشيات المسلحة.

هذا التناقض بين تصريحات وزير الداخلية والخطوات التي يقوم بها رئيس الحكومة تعكس مدى التخبط وتباين الأراء والمصالح بينهم، وبالعودة للتسريب الصوتي الذي انتشر قبل يومين لعناصر ميليشيا دعم الإستقرار، يتحدثون فيه عن أن ما حدث في أبو سليم سببه خلاف داخلي بين غنيوة الككلي وإبن أخيه سيف الككلي على تقاسم الأموال التي قدمها لهم محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق الكبير، تصبح الصورة أوضح للخلاف بين أصحاب النفوذ وصناع القرار في الغرب الليبي.

يذكر أن وسائل الإعلام الليبية كانت قد أشارت الى نشوب خلاف بين عبد الحميد الدبيبة والصديق الكبير، حيث كان الدبيبة يخطط للإطاحة بالكبير وتسليمه للمدعي العام، وقام بتوجيه ميليشيات الردع تحت قيادة عبد الرؤوف كارة للوقوف بجانبه بهذه الخطوة، لكن تحالف الكبير مؤخرًا مع غنيوة الككلي حال دون ذلك.

هذه العوامل والتناقضات في التصريحات والتحالفات المبنية على مصالح شخصية تنذر بحدوث أزمات أمنية وإنهيار الإستقرار في الأسابيع أو الشهور المقبلة، وبدأ المراقبون للوضع السياسي الليبي بطرح تساؤولات عن إمكانية تجاوز هذه الأزمات والخلافات دون تدخل خارجي.

بقلم الكاتب والباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية عبدالعزيز الإمام 

زر الذهاب إلى الأعلى