الأخبارتقارير

ما بعد 17 فبراير.. الدور المصري أثر و تأثر في الملف الليبي

منذ اندلاع ثورة 17 فبراير، كان القاسم المشترك لسياسات دول الجوار الليبي سواء العربية أو الجوار الأفريقي هو الحسابات الدقيقة لكل دولة وفق أولوياتها الوطنية وبنية نظمها السياسية.

وسلط تقرير نشرته “بوابة الوسط” الضوء على تباين حسابات كل دولة من دول الجوار عن الأخرى، واختلاف مواقف الدولة نفسها في مراحل مختلفة من عمر الأزمة، فقد تلاقت هذه الدول في تشجيع الحوار الليبي مع التمسك بوحدة التراب الليبي ورفض الحل العسكري وتنسيق جهودها مع الجهود الدولية والقارية التي تهتم بحل الأزمة الليبية.

يأتي ذلك في ضوء ما هو معلوم ما تمثله ليبيا من أهمية استراتيجية لجوارها الإقليمي، وهي الأهمية ذات الطابع التاريخي والسياسي والاقتصادي والأمني، التي سبقت الأزمة الليبية، وستظل – دون شك – على هذا النحو.

واستعرض التقرير  أبرز مواقف وتوجهات هذه الدول خلال الفترة الماضية من عمر الثورة والأزمة، حيث تباينت حسابات المصالح العليا في دول الجوار الليبي على نحو واضح، وهو ما انعكس على سياساتها تجاه الملف الليبي، والنتائج الهزيلة لاجتماعات وزراء خارجيتها منذ سنوات، إذ اتسمت بارتباطها الوثيق بدوافع سياسية واقتصادية وأمنية.

وعلى الرغم من غياب التنسيق الفعلي بين دول الجوار في الملف الليبي، فإن اهتمامها بليبيا في ازدياد، حسب معهد “بروكينغز”، الذي يرى أدوارًا للخطر الأمني الذي تشكله الفوضى المستمرة خصوصًا على الحدود المصرية والتونسية والجزائرية والتشادية.

علاوة على ذلك، كان البعد الاقتصادي حاكمًا في حسابات طوق الجوار الليبي، إذ تعد تونس هي أكثر الدول المستفيدة منه، كذلك المغرب، التي لم تربطها صلات اقتصادية قوية مع ليبيا في ظل النظام السابق، من اتفاقات جديدة حول التجارة والطاقة.

وعلى صعيد التنافس الإقليمي، وفق “بروكينغز”، تنتهج المغرب أيضًا، عبر زيادة انخراطها في ليبيا، أن تبقي نفوذ الجزائر المنافسة لها في منطقة “تحت السيطرة”.

وأوضح التقرير أن الدور المصري تأثر في الملف الليبي ما بعد ثورة 17 فبراير بالوضع المرتبك للمنطقة، ورغم ترحيب المجلس العسكري المصري السابق (الحاكم وقتذاك) بنجاح ثورة 17 فبراير، فإن السلطات المصرية انشغلت بالترتيبات السياسية والدستورية والانتخابية لما بعد ثورة 25 يناير.

وأضاف التقرير أن المتغير الأهم في التعاطي المصري مع الملف الليبي هو انعكاسات الغياب الأمني في الداخل المصري إبان الثورة، حيث قلص هذا الغياب سيطرة الدولة المصرية على الحدود الليبية، وأسهم في تسهيل تدفق المقاتلين الأجانب ودخول الأسلحة للمجموعات المسلحة إلى مصر.

وتابع التقرير “وفي أعقاب ثورة يونيو 2013، اتسم الدور المصري في ليبيا بفاعلية كبيرة مع وصول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للسلطة، إذ عزز النظام المصري الجديد سيطرته العسكرية على الحدود بالتعاون مع قوات القيادة العامة للقوات المسلحة ، وجرى تكليف لجنة وزارية مصرية تُعنى بالملف الليبي، في أغسطس من العام 2016، وأسند رئاستها إلى رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية حينها، الفريق محمود حجازي”.

وأردف التقرير “تركز نشاط تلك اللجنة في اتجاه تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية المختلفة خلال عدة اجتماعات ولقاءات، للتوصل إلى حل يسهم في الخروج من الأزمة الليبية، وكادت اللجنة تصل إلى صيغة توافقية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، إلا أن محللين يقولون إن تدخل أطراف خارجية، ومجموعات محلية في الداخل الليبي حال دون التوصل للاتفاق، أو تنفيذ ما جرى التوافق عليه من مسارات بين القيادات العسكرية الليبية”.

استكمل “على المسار نفسه، نجحت الدبلوماسية المصرية في جمع الفرقاء السياسيين الليبيين في أكثر من لقاء في العاصمة المصرية القاهرة، ولعل أبرزها نجاح السيسي في جمع رئيس المجلس الرئاسي السابق فائز السراج،  و قائد العام للقوات القيادة المسلحةالمشير خليفة حفتر ، في شهر مايو من العام 2017”.

وواصل التقرير” كان التحدى الاقليمي حاضرًا في مواجهة القاهرة مع تعاظم الدور التركي في الملف الليبي، سواء عسكرياً أو سياسياً، ودعم أنقرة أحد طرفي هذه الحرب، لتتبنى مصر – في المقابل – نهجاً مختلفاً إزاء الأزمة الليبية”.

وأضاف” بدا النهج المصري الجديد أكثر وضوحاً في يونيو 2020، حين أطلق الرئيس المصري تصريحه الشهير بأن سرت والجفرة “خط أحمر”، ملوحاً بأن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعياً، وأن جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمراً ضرورياً، وهو ما اعتبره محللون رسماً لحدود وخطوط الردع بين الأطراف الداخلية المتحاربة، ورسالة للجانب التركي بشأن قواعد اللعبة وحدودها، ومن ثم بداية النهاية لهذه الحرب”.

وتابع ” وعقب وقف إطلاق النار في أكتوبر من العام 2020، استضافت مدينة الغردقة المصرية اجتماعات بين وفود عسكرية من قوات القيادة العامة وحكومة الوفاق السابقة في سبتمبر 2020، وأسفرت عن تشكيل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لمراقبة وقف إطلاق النار وسحب المرتزقة، فيما تتواصل حتى اليوم مباحثات الرئاسة والخارجية المصرية بشأن الملف الليبي مع الأطراف الفاعلة في الإقليم والعالم”.

ويقول محللون إن مصر تتبنى موقفاً ثابتاً تجاه الأزمة الليبية منذ عدد من السنوات، وهو رفض التدخل الأجنبي في ليبيا، والإصرار على حل يأتي من مختلف الأطراف داخلياً، بما لا يهدد المصالح المصرية العليا، خصوصاً التوازنات الإقليمية في المنطقة وقضية أمن الحدود.

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى