الصحة

قلة مراكز العزل وتأخر صرف المخصصات المالية.. “الرقابة الإدارية” تُصدر تقريرها لعام 2020م بشأن قطاع الصحة

كشفت هيئة الرقابة الإدارية للعام في تقريرها لعام 2020م، بعض المخالفات المالية والإدارية بقطاع الصحة، لاسيما ما يتعلق بتعامل حكومة الوفاق المنتهية ولايتها بشأن جائحة كورونا، على رأسها قلة الدعم المالي المطلوب لمواجهة انتشار الفيروس.

وأشارت الهيئة، في تقريرها، إلى عدم قيام الدولة الليبية بأي جهود دولية عبر وزارة الخارجية وسفاراتها للتواصل مع الدول المصّنعة للقاحات، والاكتفاء بعمل لجنة جلب اللقاح فقط، في حين قيام دول العالم بتحريك ديبلوماسياتها الخارجية للتواصل مع الدول المصنّعة للحصول على كميات كبيرة من اللقاحات.

ولفتت إلى النقص في سيارات الإسعاف المجهزة لمكافحة الوباء والنقص في الوقود اللازم من قبل الجهات المختصة، بالإضافة إلى ضعف وسائل الإعلام المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني في المساهمة للحد من انتشار الوباء وآلية مكافحته.

وتطرقت إلى عدم وجود مراكز عزل تستوعب كافة الحالات الموجودة ببعض المناطق، وعدم دعم جهاز الإمداد الطبي من قبل الإدارة العامة بالأدوية والمعدات الطبية الخاصة بمكافحة الوباء، بجانب عدم وجود كوادر طبية مدرَبة للعمل في مراكز العزل الخاصة بالوباء، وعدم توفير مراكز (الفلترة) الطبية في بعض المناطق.

وانتقد التقرير، قيام بعض أعضاء المجالس البلدية بالتصرف في المواد الواردة بالمخازن المتعلقة بالوباء بطريقة عشوائية، وعدم تسجيلها وترتيبها بالطرق الصحيحة، فضلا عن عدم وجود أماكن لسحب العينات ببعض البلديات، وعدم وجود الفلترة ببعض المستشفيات والمراكز الصحية.

وأفاد بعدم وجود آلية واضحة من قبل المجلس الرئاسي والمركز الوطني لمكافحة الأمراض بشأن تشكيل لجان الأزمة لمجابهة الفيروس، مشيرة إلى قيام بعض أصحاب الأنشطة الاقتصادية باستغلال الوضع الحالي للمواطنين، بمضاعفة أسعار تقديم الخدمات الطبية، والسلع التموينية بمختلف أنواعها.

وأكدت الهيئة، تأخر وزارة المالية في صرف مخصصات البلديات تنفيذا لقرار المجلس الرئاسي لحكومة رقم (557) لسنة 2020م بشأن الإذن بإنفاق مبالغ مالية، بجانب ضعف التنسيق بين فروع جهاز الإمداد الطبي بشأن توفير متطلبات العمل لمجابهة جائحة كورونا.

ونوهت إلى غياب التنسيق بين البلديات ومديريات الأمن الوطني وجهاز الحرس البلدي في تطبيق فرض حظر التجول وإغلاق المحلات التجارية في المواعيد المحددة، لافتة إلى وجود نقص حاد في أجهزة التنفس الاصطناعي، والأدوية المتعلقة برفع مناعة المصابين بالوباء كفيتامين C، والآسبيرين، وعنصر الزنك، وغيرها، مع نقص الأطقم الطبية المتخصصة، وعناصر التمريض.

وتضمنت الملاحظات، وفقا للتقرير، عدم توفير الدعم النفسي والمعنوي اللازم للأطقم الطبية القائمة على مكافحة الوباء، وعدم صرف مكافآت مالية لفرق الرصد والاستجابة، والمسؤولين عن مراكز الفلترة والعزل، والأطقم الطبية، وسائقي سيارات الإسعاف، رغم قيامهم بمجهودات جبارة لمكافحة انتشار الوباء، وعدم توفير وسائل نقل واتصالات مناسبة للجهات المسؤولة والعاملين في مكافحة الوباء.

وشملت أيضا، عدم وضع برنامج تدريب للأطقم الطبية لمعرفة مستجدات الجائحة وآلية التعامل معها، وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع سعر المحروقات بالسوق السوداء؛ ما سبب إرهاقاً للمواطنين الموجودين بالحجر المنزلي، والأشخاص القائمين على تقديم الخدمات لهم.

وذكر التقرير، أن القصور في الإجراءات المتخذة حيال عودة العالقين بالخارج، أدى إلى ظهور إصابات وانتشار الفيروس بين العائدين؛ مما أدى إلى زيادة أعداد المصابين، بجانب النقص في توفر المسحات الخاصة بالكشف عن الفيروس، وسوء استخدام عملية أخذ المسحة “rapid”.

وأشار إلى عدم وجود خطة استراتيجية لعمل اللجنة العلمية الاستشارية لمواجهة الجائحة طيلة فترة عملها، حيث اعتمدت على ما يستجد من أعمال، ومحاولة إيجاد حلول للمشاكل، وفق محاضر اجتماعاتها اليومية، كما عملت اللجنة بشكل منفرد في تحديد وتوفير الاحتياجات دون إقحام وزارة الصحة والإدارات التابعة لها كإدارة الطوارئ أو إدارة الصيدلة والمعدات الطبية.

ولفت إلى قيام اللجنة الاستشارية بإحالة الاحتياجات المطلوبة دون التواصل مع وزارة الصحة أو جهاز الإمداد الطبي لمعرفة المتوفر منها، وخصوصاً الأدوية، وما هو قيد التوريد؛ لتحديد الاحتياج الفعلي وإحالته إلى لجنة المشتريات، بالإضافة إلى تولي اللجنة اعتماد كافة مراكز العزل والفلترة البالغ عددها نحو 47، دون وجود أي معايير لاعتمادها.

وأوضح أنه لم تكن هناك تقارير متابعة يومية من لجان المتابعة والتفتيش التابعة للجنة الاستشارية حول مراكز العزل والفلترة والاستجابة السريعة، وعدم إظهار التقارير حول استقبال الحالات، بالإضافة إلى العشوائية في تحويل واستقبال الحالات وعدم وجود معلومات كافية على مراكز العزل ومعدلات أدائها هذه المراكز.

وتضمنت ملاحظات هيئة الرقابة الإدارية أيضا، عدم وجود قاعدة بيانات لكافة ما تم إحالته من احتياجات، وما تم توريده وما هو قيد التوريد، ومتابعة أسباب التأخر في التوريد مع الجهات المسؤولة عنه، بجانب إقفال عدد من مراكز العزل نظراً لعدم توفر الكادر الطبي، وشركات الإعاشة والنظافة، دون إيجاد حلول لها من قبل اللجنة.

ونوهت إلى عدم وجود متابعة يومية ومستمرة للمخازن من قبل اللجنة، والتعرف على الرصيد الدفتري لكافة الأصناف قبل تحديد الاحتياج الفعلي وإحالته إلى لجنة المشتريات، بالإضافة إلى وجود مخازن لمستلزمات كورونا خارج نطاق رقابة ومتابعة اللجنة، رغم تبعيتها إشرافياً لها، كمخزني مدينتي مصراتة والزاوية، اللذين يتم تزويدهما بتوريدات كورونا بشكل مستمر.

وشملت الملاحظات كذلك، عدم تفعيل عمل اللجان الفرعية والتابعة للجنة وتكليفها بالمتابعة والتفتيش على مراكز العزل البعيدة جغرافياً، وإحالة تقارير دورية عنها، وعدم تقيد اللجنة بالتعامل مع الشركات المحلية والدولية المسجّلة بوزارة الصحة أو جهاز الإمداد الطبي، وخصوصاً فيما يتعلق بالأدوية.

وبيّن التقرير أيضا، قيام اللجنة بالترسية على توريد أدوية عامة دون مخاطبة إدارة الصيدلة والمعدات الطبية بوزارة الصحة، والتقصي عن مدى توفر بعض هذه الأدوية بمخازن الوزارة بالمستشفيات، أو بمخازن جهاز الإمداد الطبي، حيث توجد أدوية بكميات كبيرة، بعضها قد قارب من انتهاء صلاحيته في المستشفيات يمكن استخدامها في مراكز العزل، وقد وُرِّدت ضمن الاحتياجات المحالة من اللجنة العلمية الاستشارية.

وأفاد باستلام الأجهزة والمعدات والمستلزمات الطبية المّوردة من الشركات دون صدور تكليفات بالخصوص، واستلامها بموجب فاتورة معتمدة من رئيس لجنة المشتريات تقيد بالاستلام، بجانب قيام اللجنة بعملية التخفيض على الشركات الموردة، دون وجود آلية واضحة لذلك، حيث خُفّضت لها القيمة الإجمالية لفاتورة شركات دون أخرى، مع تفاوت نسبة التخفيض لتصل إلى نسبة 15% لبعض الشركات.

ولفت إلى عدم قيام لجنة المشتريات بالتواصل المستمر مع أمناء المخازن لمعرفة الأرصدة من كافة التجهيزات والأدوية والمستلزمات الطبية قبل شروعها في استجلاب العروض من هذه الاحتياجات، فضلا عن توريد اللجنة أجهزة طبية، كجهاز التنفس الاصطناعي، دون ضمان توفير قطع الغيار الاستهلاكية لهذه الأجهزة، كالبطاريات أو فلاتر الهواء، ولمدة زمنية كافية؛ مما تسبب في وجود مشاكل فنية، وتوقف بعضها عن العمل بالمراكز.

وتقيدت الدولة الليبية، وفقا للتقرير، بتوصية منظمة الصحة العالمية في حصر اختيار اللقاحات ضد فيروس كورونا، بحيث تكون ضمن اللقاحات المدرجة بمحفظة ائتلاف كوفاكس؛ لضمان الحصول على لَقاح مأمون وفعّال، مع ضمان مساعدة منظمة الصحة الدولية واليونسف في وصول هذا اللقاح والتجهيز والإشراف على أعمال التطعيم، وفق ما يعرف بالسلسلة الباردة من لحظة وصول اللقاح إلى ليبيا، ومن ثم إلى الفئة المستهدفة بالتطعيم.

وتواصلت اللجنة الاستشارية العليا للتطعيمات مع ائتلاف (كوفاكس)؛ ونتج عن ذلك توقيع أربع اتفاقيات بين الدولة الليبية والائتلاف، تحت رعاية منظمة الصحة العالمية، لافتة إلى تخفيض حصة ليبيا من اللقاحات إلى (976,590) ألف جرعة من أصل (1,374,200) مليون جرعة؛ نتيجة ضغوطات دولية على الشركات المصنّعة.

وانتقدت تعثر وصول اللقاح، وارتفاع عدد الوفيات والإصابات في ليبيا مؤخراً، وتطور الوضع الوبائي بشكل سلبي، مكلفاً المزيد من الضحايا، نتيجة عدم وجود آلية واضحة لتوريد اللقاح، وذلك لتفرّد اللجنة العلمية الاستشارية لمكافحة جائحة “كورونا” بالتواصل مع ائتلاف (كوفاكس) ومنظمة الصحة العالمية لجلب اللقاح، وعدم إشراك المركز الوطني لمكافحة الأمراض المتخصص في تعزيز الصحة العامة والحماية الصحية للمواطنين.

وتعاقدت الحكومة، وفقا للتقرير على لقاحات بأسعار باهظة الثمن مثل كاللقاح (موديرنا)، في الوقت الذي توجد لقاحات أقل سعراً، وتضاهي جودة تحصين هذا للقاح، مشيرة إلى التفاوض مع شركة (فايزر) لجلب اللقاح، في حين عدم جاهزية الدولة لاستقباله؛ لاحتياجه سلسلة باردة لحفظه في درجة حرارة ما بين (-60 إلى -80) م.

وأضاف التقرير أنه تم التركيز على توفير اللقاح عن طريق منظمة الصحة وائتلاف (كوفاكس) والقيام بالمباحثات بالخصوص، وعدم العمل في اتجاه موازٍ لإمكانية التعاقد مباشرة مع إحدى الشركات المصنعة خارج إطار هذا الائتلاف، حيث تمت مؤخرا بعض الإجراءات للتواصل مع بعض الشركات لتوفير اللقاحات مثل: “موديرنا” للحصول على أربعة ملايين جرعة، والتفاوض مع شركة “استرازينيكا” للحصول على نفس الكمية من الجرعات.

ولفت إلى قيام المجلس الرئاسي بما يسمى “حكومة الوفاق” بإعطاء لجنة توفير اللقاح المشكلة بموجب قراره رقم 242 لسنة 2021م، إذن التعامل والتعاقد مع الشركات الخاصة، ودراسة عروضها، وإجراء المناقصات، وعرضها على المجلس، واتخاذ إجراءات التكليف المباشر في حالة الضرورة العاجلة لتوريد اللقاح عبرها، دون العمل على التعاقد مع الشركات المصنّعة مباشرة.

وأكد أن عدم صرف مكافآت مالية للعناصر الطبية والطبية المساعدة؛ أدى إلى عزوفهما عن العمل باللجان الطبية في مكافحة الفيروس، بالإضافة إلى كثرة الازدحام بالأماكن العامة (المصارف، المصالح الخدمية، المصايف البحرية، وغيرها) دون الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية من الوباء من شأنه أن يؤدِي إلى استمرار ظهور حالات جديدة وأكثر خطورة.

واختتمت هيئة الرقابة الإدارية تقريرها بالتأكيد على وجود الإهمال الواضح من قبل وزارة الصحة وعمداء البلديات فيما يتعلق بمراكز الفلترة ولجان الرصد والتقصي.

زر الذهاب إلى الأعلى