الأخبار

صحيفة أمريكية: بفضل تركيا أصبحت ليبيا مركزًا رئيسيًا لتهريب الأسلحة والمخدرات والأشخاص

أكدت صحيفة “warontherocks” الأمريكية أنه بفصل التدخل التركي في ليبيا بعد عشر سنوات على ثورة فبراير 2011م، أصبحت مركزًا رئيسيًا لتهريب الأسلحة والمخدرات والأشخاص.

واعتبرت الصحيفة في تقرير لها،  التدخل التركي في ليبيا خلال شهر يناير 2020م؛ الذي جاء باستدعء من قبل لمساعدة حكومة الوفاق المنتهية ولايتها على صد هجوم خليفة حفتر على طرابلس، معتبرة أن التدخل التركي سهل وقف إطلاق النار الموقع في التمور/أكتوبر الماضي، والذي أنهى 16 شهرا من القتال.

وأوضحت أن تدخل تركيا في ليبيا جاء لتأمين مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، وليس لتحقيق الأمن للبلاد نفسها، مبينة أنه مع بدء عملية سياسية جديدة في ليبيا، قد تضطر أنقرة إلى الانخراط في إصلاح قطاع الأمن لتحقيق أهدافها، لاسيما أن تبني استراتيجية أمنية شاملة تعطي الأولوية للمؤسسات الحكومية سيفيد تركيا والمواطنين الليبيين العاديين.

وأضافت أن تركيا دخلت ليبيا بطرق مختلفة قبل عام 2011م، وبشكل أكبر بعده، لكن جذور التدخل العسكري الحالي يعود إلى عام 2019م.

وذكرت أنه في ظل غياب الدعم الدولي، وقعت حكومة الوفاق مذكرتي تفاهم ثنائيتين مع أنقرة؛ كانت الأولى بشأن الترسيم البحري تسمح لتركيا بإعادة ترسيم الحدود البحرية والمطالبة بمنطقة اقتصادية خالصة موسعة في شرق البحر المتوسط، فيما تضمنت الثانية التعاون العسكري والتي رسمت الإطار القانوني لتدخل تركيا في ليبيا.

وبينت أن المرحلة الأولى من المساعدة الأمنية التركية كانت موجهة نحو تحقيق هدف عسكري محدد، لضمان بقاء حكومة الوفاق والتي من شأنها تأمين اتفاقية تركيا البحرية جنبًا إلى جنب مع مجموعة من المصالح الاقتصادية.

وأكدت الصحيفة أن تركيا ضاعفت من استخدامها للطائرات بدون طيار من طراز TB2 التركية، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي والمركبات المدرعة وأنظمة الحرب الإلكترونية والأسلحة المضادة للطائرات والمرتزقة السوريين والتركمان، كما نشرت أنقرة أيضًا مستشارين عسكريين في قواعد ومنشآت محددة.

وتابعت أنه بالإضافة إلى تنسيق نشر الطائرات بدون طيار، تم تكليف الضباط الأتراك بتدريب الموظفين الليبيين، وخاصة ميكانيكا الطيران الشباب وبعض المهندسين الأكبر سًنا لتشغيلها، حيث تمت إدارة بناء القدرات لمجموعة المتدربين في غرف التحكم في طرابلس ومصراتة، ليتم خلق مستوى متزايد من المعرفة المحلية المتعلقة بالاستخدام الفعال للطائرات المسيرة.

وقالت الصحيفة أن الجهد العسكري التركي ركز على قادة المليشيات الليبية وكذلك النخب السياسية أو الاقتصادية في بعض الأحيان، مضيفة أن أنقرة كانت انتقائية في أي الجماعات المحلية ستزودها بالأسلحة أو تشارك المرتزقة فيها، حيث كان لديها مجموعة متنوعة من الشبكات في ليبيا؛ تم بناء بعضها من خلال روابط تجارية في القطاع الخاص، بينما اعتمد بعضها الآخر على القرب الأيديولوجي.

ولفتت إلى بناء تركيا علاقات مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم في فترة التعاون التركي القطري الذي حدث بين عامي 2011 و2014م، مؤكدة أن الدوحة قدمت الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي للجماعات “الثورية والإسلامية” من خلال شخصيات مثل عضو التنظيم الدولي للإخوان علي الصلابي، والأمير السابق للجماعة الإسلامية المقاتلة عبد الحكيم بلحاج.

وواصلت: “مع انحسار بصمة السياسة الخارجية للدوحة بعد عام 2014م، تحول مركز هذه الشبكة الإسلامية تدريجياً إلى تركيا، التي أصبحت أيضًا ملاذًا للمنفيين السياسيين ورجال الأعمال وغيرهم من رواد الأعمال الذين تم تهميشهم من قبل صناع القرار في طرابلس أو النازحين من شرق ليبيا”.

وأكمل التقرير: “بدأت المرحلة الثانية من المساعدة الأمنية لأنقرة، فسعت إلى تأمين وجودها العسكري في ليبيا وترسيخ نفسها كوسيط قوة، وزادت بشكل كبير من نقل المعدات العسكرية إلى غرب ليبيا، وجعلت قاعدة الوطية الجوية، أساسًا خاصًا بها، كما أمنت وجودها في عدة قواعد عسكرية بضواحي طرابلس، مبنية على بصمتها العسكرية الموجودة مسبقًا في مصراتة، وأقامت وجودًا عسكريًا في ميناء الخمس”.

وأردفت الصحيفة بأن هذه المرحلة شهدت أيضًا مشاركة أنقرة بشكل أكبر على مستوى بناء القدرات، حيث تم تدريب عدة دفعات من المقاتلين الذين خدموا تحت راية حكومة الوفاق من قبل تركيا بهدف الاندماج في وزارة الدفاع، كما تم إجراء بعض التدريبات الأساسية للمشاة في ليبيا، بينما تم إرسال الطلاب أيضًا للتدريب في تركيا.

وأوضحت أن تركيا شاركت في جهود سابقة متعددة الأطراف لدعم المؤسسات الأمنية الليبية؛ مثل خطة الناتو لعام 2013م لتدريب “قوة الأغراض العامة” الليبية قوامها 20 ألف فرد، لكنها فشلت إلى حد كبير، بسبب الحد الأدنى من الالتزام الدولي، والاستقطاب الليبي الداخلي، واندفاع المليشيات للعودة إلى الولاءات الإقليمية.

ورغم تسويق أنقرة لإصلاح قطاع الأمن، فشلت المرحلة الثانية من المساعدة الأمنية في تغيير المشهد الأمني بشكل أساسي في غرب ليبيا، حيث وضعت المساعدة الأمنية التركية مزيدًا من التركيز على “برمجة التدريب والتجهيز”، وكان هناك القليل من التركيز على تحسين توفير الأمن أو الإدارة أو الإشراف، بحسب التقرير.

وأفاد بأن علاقات تركيا مع المليشيات، التي غالبًا ما تقاتل بعضها بعضا، أدت إلى تقييد قدرة أنقرة على الانتقال إلى العمل مع قوى ومؤسسات أكثر رسمية، مثل وزارتي الداخلية والدفاع.

وبيّن التقرير أن المساعدة الأمنية التركية مع إطلاق منتدى الحوار السياسي، أدت إلى تغيير حسابات أنقرة ودفعها إلى البدء في محاولة تحويل ثقلها العسكري إلى رأس مال سياسي، حيث تدرك أن التصعيد العسكري سيعرض فرصتها للمناورة الدبلوماسية للخطر ويقوض التقارب الحالي مع القاهرة، كما أن نجاح العملية السياسية سيسمح لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بالوصول إلى عائدات النفط المجمدة حاليًا، ما يمنح تركيا والنخب الليبية المحلية حافزًا لدعمها.

واستطرد التقرير بأن أنقرة سعت إلى استخدام اتفاقها البحري مع ليبيا لانتزاع تنازلات في نزاعاتها طويلة الأمد مع قبرص واليونان، وشهدت أيضًا حوافز اقتصادية في استعادة عقود البنية التحتية في عهد معمر القذافي والفوز بعقود جديدة، مثل إعادة تأهيل شبكة الكهرباء في البلاد، حيث يعد تدخل تركيا في ليبيا جزءًا من استراتيجية أكبر لاستخدام شمال إفريقيا كنقطة دخول للمشاركة الاقتصادية مع منطقة الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء.

وسعت أنقرة أيضًا، بحسب التقرير، إلى تقليل أي رد فعل داخلي لديها عن طريق نشر مرتزقة سوريين منخفضي التكلفة بدلاً من الجنود الأتراك، لم تركز صراحةً على أمن ليبيا على المدى الطويل، بل ركزت بدلاً من ذلك على كيفية تأثير وجودها العسكري في تعزيز مصالحها الاقتصادية.

ولتعزيز مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية، كان يجب على أنقرة، وفقا للتقرير، أن تتبنى استراتيجية أمنية أكثر شمولية، موضحا أن تركيا تريد الحفاظ على وجودها العسكري وخيارات القوة الصلبة في ليبيا، لكن القيام بذلك دون تعزيز أمن الشعب الليبي سيؤدي ببساطة إلى نزع الشرعية عن دور تركيا.

وذكر أنه لكي تضمن أنقرة مكاسبها الاقتصادية بشكل مستدام، عليها أن تقاوم الفوائد قصيرة المدى لدعم المليشيات والعمل مع النخب الفردية، والاتجاه لدعم المؤسسات الليبية، ما يعني معالجة البيئة الأمنية المجزأة في البلاد من خلال تعزيز قدرة الدولة، مختتمة بأنه إذا استمرت تركيا في مسارها الحالي، فستستمر التحديات الأمنية في ليبيا، وسيتضاءل نفوذها.

زر الذهاب إلى الأعلى