الأخبار

وكالة الأنباء الفرنسية: طهاة ليبيون يصنعون طبقًا عملاقًا من الكسكسي في صبراتة

أكد تقرير ميداني نشرته وكالة الأنباء الفرنسية سعي الليبيين لنيل التقدير الدولي لتراثهم المطبخي والثقافي الغني عبر تميزهم المنفرد بصنع أكلة “الكسكسي”.

التقرير، واكب عمل عشرات الطهاة المنهمكين بالهواء الطلق في المسرح الروماني القديم بمدينة صبراتة في إعداد طبق “الكسكسي” العملاق للجمهور، ناقلًا عن مشارك متعب في عملية الطهو قوله وهو يأخذ قسطا من الراحة على كرسي لبضع دقائق: “لم أنم طوال الليل”.

وواصل طهاة آخرون تقليب سميد متحول لونه بفعل صلصلة الطماطم للأحمر في قدور فولاذ مقاوم ضخمة، في وقت تم فيه وضع مكونات أخرى سبق تجهيزها بأطباق كبيرة مغطاة بورق الألمنيوم ليصبوا بعدها ومساعدوهم نحو ألفين و400 كليو غرام من المزيج ولحم الضأن واليقطين بطبق قطره 4 أمتار.

وتابع التقرير: إن اللمسة الليبية النموذجية تأتي في ختام العملية عبر البصل المحمص في الزبدة. مشيرًا إلى تجمع الأسر بسعادة حول الطبق العملاق محاطين بحراسة الشرطة، فيما قام الشباب بتصوير المشهد الباعث بمظاهر الاطمئنان النسبي المفقود منذ سنوات عبر هواتفهم.

وأعربت الطبيبة القادمة من العاصمة طرابلس بردائها الأسود وحجابها الأحمر أحلام فخري عن سعادتها برؤية الليبيين مجتمعين رغم التوترات السياسية والعنف المسلح، مضيفة بالقول: “سافرت كثيرًا وأتيت من قرية تشتهر بالكسكسي الذي يمكنك شمه من مسافة أميال حوله”.

وقالت فخري باعتزاز: “كل المنطقة المغاربية مشهورة بالكسكسي المميز لنا عن الشرق العربي، فهو جزء من هويتنا وثقافتنا وتراثنا وفخورون ونعتز به”. فيما بين التقرير أن ليبيا هي الدولة الوحيدة بمنطقة شمال إفريقيا غير المسجلة عنايتها بتقاليد الطبق المدرجة منذ العام 2020 بقائمة “يونسكو” للتراث الثقافي غير المادي.

وأرجع التقرير هذا الأمر لعدم انضمام البلاد إلى هذه المعاهدة الدولية، ما يعني عدم خضوعها لشروطها، ما حال دون توسع التنافس بين الدول المغاربية على ملكية هذا الطبق وأصله، مبينًا تحرك منظمات المجتمع المدني على الأرض من خلال مبادرات مختلفة لدفع الملف عن طريق الضغط على السلطات المنقسمة.

وتابع التقرير نشاط علي مسعود الفطيمي ذي الـ54 عامًا في سياق جمعيته الهادفة إلى دعم السياحة والحفاظ على التراث، فهو ينظم في كل عام في موقع تاريخي طبقًا عملاقًا من “الكسكسي” لإرسال رسالة إلى مجلس النواب، فانضمام ليبيا غاية في الأهمية بالنسبة لها.

وبحسب الفطيمي، سيتاح للبلاد عبر ذلك الحفاظ على “الكسكسي” وما تزخر به من ثقافة وتراث غير محميين أساسًا، موضحًا أن الطبق العملاق شأنه شأن اليوم الوطني للملابس التقليدية ومبادرات أخرى وثمرة دفعة شعبية، في وقت يأمل فيه مصادقة أعضاء المجلس على الاتفاقية الدولية للتراث غير المادي المستقبل القريب.

وبين التقرير أن هذه المصادقة تعني تمكين ليبيا من الانضمام إلى موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس في ملف “الكسكسي”؛ لأن التسجيل لا يعني ملكية نهائية أو حصرية من قبل بلد واحد وفقا لتأكيدات “يونسكو” ناقلا عن منيرة زويت ذات الـ43 عاما وجهة نظرها بالخصوص.

وبينت زويت المرتدية لزي الشيف الأبيض بتطريزاته الذهبية الليبية عن أمنياتها القلبية في نجاح الأمر بعد أن افتتحت مطعمًا خاصًا بها في العاصمة طرابلس، ونشرت على موقعي التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و”يوتيوب” صورًا للحلويات التي تبتكرها وتستوحيها من الاتجاهات العالمية.

وأكدت زويت أن طبق “الكسكسي” الأثير لديها بقي بمثابة خط أحمر بالنسبة لها؛ إذ تحرص على طهوه بالطريقة التقليدية عن طريق سكب قليل من الملح ومسحوق الفلفل الحار وقليل من القرفة ما يترك طعمًا حلوًا، مشيرة لتعلمها إعداده من والدتها في صغرها، فهو ليس بأكلة فقط بل مرآة حضارة ومهارة تتناقلها الأجيال.

وأوضحت زويت أنها تعمل من خلال الاستمرار في طهو الأطبق التقليدية على التمسك الشديد بالتراث للحفاظ عليه بأبسط طريقة؛ لأن تقاسم الطعام موضح لعلاقة حميمة لا مثيل لها بين الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى