الإصلاح العربي: الدبيبة يخطط لأكبر عملية اغتصاب للسلطة

نشر مركز الأبحاث الدولي “مبادرة الإصلاح العربي” ورقة بحثية حملت عنوانًا تساؤليًا “لماذا لن تحدث انتخابات في ليبيا؟” مع سلسلة من الإجابات عليه.
الورقة أشارت إلى رؤية العديد من الليبيين في الاتفاق السياسي لعام 2021 المتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بمثابة ضوء يلوح في نهاية النفق المظلم، عاقدين آمالهم على إنهاء الركود السياسي والأزمة القانونية، في وقت أفسد من تم وضع الثقة فيهم هذا الاتفاق عن عمد.
وطرحت الورقة أسباب عدم إجراء الاستحقاقات الانتخابية ومنها غياب الأساس الانتخابي أو الدستوري المنظم لها، رغم إقرار مجلس النواب لقانونين أحدهما للانتخابات الرئاسية والثاني للتشريعية، مبينة أن إنتاج هذه الاستحقاقات لحكومة انتقالية أخرى لا يمنع وضعها حدًا لتقسيم السلطات التنفيذية والتشريعية.
وتابعت الورقة: إن هذا الحد كان بمثابة بداية عملية التعافي المؤسسي من ويلات الحرب. مؤكدة أن تعيين مجلس النواب لحكومة فتحي باشاغا رغم وجود حكومة عبد الحميد الدبيبة المنتهية أعاد البلاد مرة أخرى لدوامة الحكومتين غير المنتخبتين من قبل الشعب الليبي.
ووصفت الورقة الحكومتين بنتاج الانحرافات المستمرة للسياسيين الفاسدين الرافضين للتخلي عن مناصبهم في السلطة، مؤكدة أن غياب الأساس القانوني أو الدستوري سمح بالتلاعب في القواعد الانتخابية ما مكن أولئك الذين كان من الممكن استبعادهم من الترشح للرئاسة من الوصول لغايتهم.
وبينت الورقة أن قانون الانتخابات التشريعية المشرع من قبل مجلس النواب يمثل نسخة من آخر تم تشريعه في العام 2012 ليتم بذلك تجاهل 9 أعوام من الصراعات، فضلًا عن كونه لا يمت بصلة لنتائج ملتقى الحوار السياسي إلا أنه حظي بمصادقة المبعوث الأممي المستقيل من منصبه بان كوبيش.
وبحسب الورقة، تجاهلت التوقعات المتفائلة المتمحورة حول إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الـ24 من ديسمبر من العام 2021 ووضعها البلاد على المسار الصحيح والاستعدادات الجارية لتفيذها وفقًا لما خُطط لها في الموعد المحدد مشروع الدستور المثير للجدل، فلا أحد من الساسة تطرق إليه.
وأضافت الورقة: إن إجراء الاستحقاقات الانتخابية يتطلب تشريعات قوية تستوعب سنوات الصراع وتتلافى مخاطر الانتكاس وتأجيج الصراعات، مستدركة بالإشارة لعدم تمكن خبراء القانون الدستوري والوسطاء من إعدادها ما يعني تصميمها بشكل يحفظ للساسة مناصبهم في دولة تتداعى هياكل السلطة فيها.
وبينت الورقة أن انشغال البعثة الأممية في حشد جهودها مع الأجسام السياسية الحالية للوصول إلى أساس دستوري وقانوني لإجراء الانتخابات الرئاسية مكن عبد الحميد الدبيبة من الاستمرار في الإنفاق على مشاريع إعادة الإعمار وتمكين الشباب من الزواج والحصول على قروض.
وأضافت الورقة: إن هذه المشاريع الحائمة حولها شكوك السرقات ما هي إلا محاولة خبيثة وشرسة لإبقاء الوضع على ما هو عليه، في وقت أصدر فيه الدبيبة قرارات بتمويل الجماعات المسلحة للانضمام إلى جهاز أمني جديد يسمى “دعم الانتخابات والدستور”.
وتابعت الورقة: إن الدبيبة استغل تعطش مفتي المؤتمر الوطني العام المعزول من قبل مجلس النواب الصادق الغرياني لدعم سلطاته في وقت لا يمتلك فيه الأول أي مشروع سياسي، وكل ما كان مطلوب منه هو قيادة الحكومة لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وأوضحت الورقة أن الدبيبة أصدر قرارات ومراسيم بعد أشهر من الفشل المتعمد في أداء دوره لمنحه مزيدًا من السلطة، فمن الواضح أنه يريد البقاء في منصبه، وإذا حدثت الانتخابات الرئاسية في يوم من الأيام فسيكون من بين المرشحين، مؤكدة اصطدام طموحاته بجهود من قبل رئيس الحكومة فتحي باشاغا.
وأضافت الورقة: إن جهود باشاغا حاولت الدخول إلى العاصمة طرابلس بالقوة من دون جدوى، في وقت تغرق فيه ليبيا في وحل التضخم المرتفع وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة وتصاعد التوترات بين مختلف الجماعات المسلحة في داخل العاصمة، ما جعل الشباب يخرجون إلى الشوارع للاحتجاج.
وأشارت الورقة إلى أن هذه الاحتجاجات امتدت لعدة مدن للمطالبة بإنهاء سيطرة الأجسام السياسية الحالية على السلطة في وقت يصعب فيه التكهن بإمكانية محاولة باشاغا مستقبلًا إعادة الكرة للسيطرة على طرابلس بالقوة من عدمها، رغم أن انزلاق البلاد إلى العنف مرة أخرى احتمال قائم.
وأقرت الورقة بعدم إمكانية مناقشة مستقبل ليبيا بمعزل عن الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية المشاركة بشكل مباشر في عديد النزاعات المسلحة، ما يسمح للدبيبة بالتمسك بمنصبه بلا مواراة، ويمكن مجلس النواب من التفنن في ابتكار خطط من شأنها إعادة تدويره في المؤسسات المستقبلية.
وأضافت الورقة: إن التحديات العالمية ومن بينها تفشي وباء كورونا وأعبائه والظروف الاجتماعية والاقتصادية المزرية والعنف المباشر والهيكلي والمجموعة الحاكمة والمزيد من الصراعات العسكرية المتوقعة المؤثرة على الواقع الليبي عوامل تقود بالحصلة لبلد منهار على العديد من المستويات.
وتابعت الورقة: إن الوساطة الأممية المدعومة من جهات فاعلة دولية وإقليمية مبنية على أساس تمكين ساسة ممثلين لمصالح متقاربة للعديد من هذه الجهات، متسببين في مشاكل بإمكانهم حلها في وقت لا يلوح في القريب العاجل أي أمل في المساءلة والمحاسبة للمفسدين الليبيين وهذه الجهات ومصالحها المزعزعة لأمن ليبيا.
وتساءلت الورقة عن القادم ومدى استمرار الدبيبة في الادعاء برغبته وحكومته في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، في وقت يخطط فيه لأكبر عملية اغتصاب للسلطة حتى الآن، وعن إمكانية إثارة السخط عليه وخلعه بالقوة مشيرة إلى عدم وضوح راية القيادة على المستوى الدولي أيضا.
وأضافت الورقة: إن هذا يعني أن عملية برلين وغيرها لن تأتي بجديد، في وقت يجب فيه تحقيق المساءلة وتدشين إرادة سياسية قوية لإجبار الفاعلين الليبيين والدوليين على التمسك باتفاقاتهم وإنفاذ اتفاقية حظر الأسلحة من دون تمييز وانسحاب القوات الأجنبية والإبقاء على عملية سياسية صممها الليبيون بوساطة أممية.
واختتمت الورقة بالإشارة لعدم إمكانية تحقق هذا من دون معالجة الافتقار الشديد والعميق للثقة بالنخبة السياسية بين غالبية الناس وخاصة الشباب الذين يشكلون نسبة كبيرة، إذ أدت هذه الثقة المحطمة إلى اللا مبالاة السياسية والحرمان من الحقوق ومزيد من التهميش لقوة حيوية في البلاد.