الأخبار

رئيس مجلس النواب خلال افتتاح مجمع المحاكم والنيابات بدرنة: لا يمكن لدرنة ان تكون حاضنة للإرهاب او داعمة للفوضى

أفتتح رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح صباح الخميس مقر مجمع المحاكم والنيابات بمدينة درنة، وذلك بحضور رئيس المجلس الأعلى للقضاء مفتاح عبد القوي، ونائب رئيس الحكومة الليبية علي القطراني، وعدد من الوزراء والنواب، واعيان وحكماء مدينة درنة، وذلك بعد الانتهاء من أعمال صيانته.
رئيس مجلس النواب، وخلال مراسم الافتتاح، بحسب ما نشره المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب، ألقى كلمة قال فيها: “ان رسالة القضاء هي إقامة العدل بين الناس وهي مهمة قدسية تستمد وجودها من النيابة عن المجتمع الإنساني في إعطاء كل ذي حق حقه وانصاف الضعيف والمظلوم وهي المهمة الأولى للدولة قال تعالى “يا داوود انا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق” أي مهمة أسمي وأعظم من القضاء العادل الذي يطمئن الناس في ظله على ارواحهم وحقوقهم وحرياتهم واموالهم”.
وتابع: “لقد وضع الله تعالى العدل وجعل اقراره بين الناس هو الهدف من بعث الرسل وإنزال الشرائع والاحكام وما حاربت الشرائع السماوية الشرك بالله لمجرد انه شرك به سبحانه وتعالى انما لما يحمل في طياته من مواعظ الظلم والطغيان التي ينحرف بها ناس عن العدل فإقرار العدل بين الناس واجب إلهي محتم للقائمين به ان يستعينوا عليه باستعمال القوة التي سخرنا الله الحديد للبأس الشديد”.
وأضاف: “قال تعالى ” لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ” امر الله بالعدل واعتبره نوعا من الامانات قال تعالى “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ ” وامر بالعدل أيضا مع الأعداء، قال تعالى: “ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى”.
وأضاف: “من يقوم بهذه الرسالة هم القضاة فالقاضي وحده هو الذي يحيل نصوص القانون الغامضة الى حقائق تنبض بالحياة وهو وحده الذي يستطيع ان يتغلغل الى روح المشرع وإرادة الجماعة التي وضعت بنفسها القانون لمصلحتها هي أولا وقبل كل شيء وهو الذي يجعل النصوص الصماء تنفجر وتتمخض عن حقوق وواجبات وضمانات وهو وحده الذي يسخروا قوى الدولة في رد الحق لصاحبه ولو كان أصغر مواطن يأخذه من مغتصبه ولو كان أكبر كبيرا، والقضاة هم الذين يؤيدون حكم العدالة ويبثون الأمانة بين الناس ويعينون لكل فرد الحق الفاصل بين واجباته وحقوقه، من غير تحيز او ميل، وهم الذين لا تدعدع لهم قدم في الحق مهما اصطكت الغايات واصطدمت الأبواب، وهم الذين ينصرون الضعيف على القوي وينزلون بالظالم ما يستحقه من عقاب ويضربون بسيف العدل كل من تعدى وانتهك آداب الامة وحرمتها”.
واستكمل: “القضاء وظيفة سامية ورتبة عالية لكنها تقتضي من الفضائل والمكارم ما لا ينال بسهولة ومن التبعية ما تنخلع له القلوب، القضاء عدالة وامانة على الأموال والاعراض، فعلى القاضي ان يكون محايدا نزيها عفيف اليد واللسان لأنه من الضروريات للقضاء الاعتقاد بنزاهته وصدق مذره في الخصومات، لان الناس إذا ما ظنوا به السوء فقدوا الثقة فيه وليس امامهم بعد طريق الحق الا سبيل الباطل فتفسد الاخلاق وتضيع الحقوق ويستهين القوي بالضعيف ويتمرد الغني على الفقير ويصدق المثل القائل “الظلم أساس الخراب”.
وتابع: “احترم دور النيابة العامة كأداة لحماية القانون وضمان حيدتها في تصرفاتها، فهي خصم شكلي وشريف ليست لها مصلحة في الخصومة، تمارس سلطتها استقلالا عن رغبات افراد فنزاهتهم يجب ان لا يثار فيها أي شك فهي لا تبحث عن الإدانة وانما تعمل للوصول الى الحقيقة وحسن إدارة العدالة، وفي هذه المناسبة فاني ادعو زملائي السادة أعضاء النيابة العامة،، الى سرعة اتخاذ الإجراءات بالسرعة الممكنة حتى لا تفقد فعاليتها في حماية النظام العام وضمان احترام الحرية فالسرعة ضرورية وحتمية في كافة الخصومات الجنائية لتحقيق الدفاع الاجتماعي وتطبيقا للقانون الذي يحمي مصالح المجتمع ويحمي أيضا حريات الأفراد”.
وتابع: “لا انسى وما انسى المحامون هم شركاء مع القضاء في البحث عن الحقيقة وهم اخوة القضاة في الفن، وأصحاب في العمل مقصدهم واحد هو اجل المقاصد في الوجود هم الذين ببحوثهم ومرافعاتهم يقدمون للقضاة المادة الأولى لصناعتهم رسالتهم شريفة ومهنتهم النبيلة ضرورية كالعدالة فالوقوف الى المرافعة لا يقل شرفا عن الجلوس للفصل في القضاء، حرية الدفاع وديعة عند المحامي بين طيات ضميره وشرف مهنته يدافع عن مواطنيه ويقدموا لهم النصح والإرشاد يدافع عن الضعفاء والارامل واليتامى فيسمع صوته لممثلي العدالة ويدفع عنهم كيد الكائدين فهو حامل الشعلة التي تبدد غياهب الشك وتنير الطريق الى العدالة والحق، ولما قتل الملك كركلا أخاه طلب من المحامي الشهير بابنيان ان يقوم بمدحه امام الامة، فأبى فهدده بالقتل ففضله على تمجيد الظالم الاثيم ومات بطهارة الذمة وصدق العزيمة، لم يبقى بلد من البلاد المتمدنة الا عرف قدر المحاماة فاجلها، ولا قانون من القوانين الا لاحظ وجودها وبيّن حقيقتها وأوضح الروابط التي تجمع بينها وبين القضاء من جهة وبينها وبين المتخاصمين من جهة أخرى، فكان من واجبات الحكومة الاعتناء بالمحاماة حتى يحصل منها أعظم حظ من النفع، فهم معول العدالة وحلفاء الحق لا خدم للشهوات ولا تبع لأهواء الموكلين لأنهم يدافعون وليسوا رسلا للبغضاء والاحقاد، وقال لويس الرابع عشر “لو لم أكن ملكا لفرنسا لوددت ان أكون محاميا”.
وأضاف: “في هذا اليوم الذي يعلن فيه انتهاء صيانة مقر محكمة الاستئناف في درنة ولا أنسى أن أوجه التحية والاحترام والتقدير للسيد علي الحبري رئيس لجنة الاستقرار الذي كان حريصا على انجاز هذا العمل، بداية العمل بعد ان اصدر مجلس القضاء، قرارا بإنشاء محكمة الاستئناف درنة، تقريبا للعدالة في اسهل الطرق واقل النفقات، للمواطنين في درنة والمناطق الواقعة في دائرة اختصاصها”.
واستكمل: “مدينة درنة تضم رفات أكثر من 70 صحابيا، بلد الثقافة والعلم والمعرفة والتعايش المجتمعي، درنة شهدت ميلاد أول مسرح ليبي منذ 100 عام، درنة المدينة الساحلية الجميلة من أجمل المنتجعات الطبيعية في العالم، بلد الفن والنسيج الاجتماعي الرائع، ولا يمكن لدرنة ان تكون حاضنة للإرهاب او داعمة للفوضى، والشاعر احمد المهدوي عندما زار درنة راقه جمالها فقال “قلت لما رأيت درنة ما هذه تبارك أحسن الخالقين.. هذه درنة كل ما فيها سرور لاعين الناظرين”.
وتابع: “درنة يجب أن تعود أمنة جميلة كما كانت نعرف ان مدينة القديمة تعرضت أجزاء منها للدمار بسب الحرب على الإرهابيين الذين استغلوها ملاذا لهم، وسنعمل جميعا على إعادة اعمارها وبالطراز القديم بإذن الله تعالى، واسمحوا لي ان أحيي اخوتي زملائي ابنائي من أعضاء الهيئات القضائية الذين عرفت نزاهتهم وجدارتهم وحسن سمعتهم اعرف انهم يحافظون على سمعتهم ويضعونها فوق كل اعتبار، لأنه لا حياة لإنسان لا يكترث لسمعته، وانا أقول لهم “لا تخشوا في الحق لومة لائم وأضربوا بسيف العدل، من تسول له نفسه الاعتداء على الامن والنظام”.
واختتم قائلاً: “انني احترم القضاء احتراما اصيلا وعميقا وأفضل أنواع الاحترام الذي يصدر حرا من تلقاء ضميره لما فيه من مصلحة المجتمع والمواطنين، وابلغكم تحيات زملائي أعضاء مجلس النواب، والوقوف معكم ضمانا لاستقلال القضاء وحيدته، ولا أنسي أن أحيي اهل مدينة درنة من كل الشرائح الاجتماعية، درنة لها مكانة خاصة عندي تعلمت بها وعملت بها وتربطني علاقة طيبة مع اخوتي من أعضاء الهيئات القضائية، فالرحمة والرضوان لمن انتقل جوار ربه والصحة والسعادة وكل الاحترام والتقدير للأحياء منهم الذين تشرفت بمعرفتهم والعمل معهم ونقول لهم لا زلت أكن لكم كل التقدير والاحترام وكأنني لم افارقكم يوما واحدا”.
زر الذهاب إلى الأعلى