الأخبار

القائد العام يشدد على ضرورةِ الكفِّ عن التّلاعبِ بمصيرِ الوطنِ وسلامتِهِ ونهبِ ثرَواتِه

شدّدَ القائدُ العام للقوات المسلحة، المشير خليفة حفتر، على ضرورةِ الكفِّ عن التّلاعبِ بمصيرِ الوطنِ وسلامتِهِ ونهبِ ثرَواتِه.

القائد العام وخلالَ كلمته في حفلِ الاستقبالِ الذي حظيَ به في مدينةِ طبرق، ونقلت تفاصيلها “ليبيا الحدث” أكد أنّه لن يسمحَ لصراعاتِ من وصفهم بعبَدَةِ الكراسي، أن تقلِبَ حياةَ المواطنينَ إلى بؤس.

وثمّنَ القائد العام على دورَ أهالي مدينةِ طبرق، لما قدّموهُ من تضحيات، في تحقيقِ النّصرِ على الإرهاب، واحتضانِ مجلسِ النوّاب، وتقديمِ التّسهيلاتِ كافة، مؤكّداً أنّه لولا انتصارُ الجيشِ الوطنيِّ على الإرهاب، لكانَ الوضعُ في ليبيا أكثرَ مرارة.

كما أكد القائد العام بأن “عمليات التخريب والنهب التي طالت مقر مجلس النواب بطبرق، تمثل تهديدا خطيرا للاستقرار الجزئي في البلاد، وتشجع أطرافا معادية للاستقرار والسلام في ليبيا على استغلال ذلك لتنفيذ أجندتها”.

وإلى نص الكلمة:

أيها الإخوة الأعزاء.. أدعوكم بداية، الى الوقوف وقراءة الفاتحة على أرواح شهدائنا الابرار.

أحييكم أيا السادة الكرام وأشكركم على حفاوة الاستقبال، ويسعدني أن أعبر لكم عن مدى سعادتي، بأن تلتقي في هذه المدينة العزيزة، الي تمثل الليبيين، أحد أهم رموز بلادهم الحضارية على مر التاريخ، طبرق التي تحتضن مرتبة اجتماعية عالية، تستمد قيمتها من مكانة شيوخها وحكمائها الأفاضل، وتتمتع بموقع استراتيجي متميز، وتضم مرافق سيادية واقتصادية وعسكرية، بالغة الأهمية.

وأحي أهلها على احتضانهم مجلس النواب، على مدى سنوات عديدة، وتقديم كافة التسهيلات، لمباشرة عمله وأداء مهامه، وهي مسؤولية ثقيلة، لا تقوى على تحمل أعبائها في هذه الظروف الاستثنائية، الا مدينة بثقل وحجم طبرق، وقبل كل ذلك أحيي هذه المدينة المجاهدة، على مشاركتها بأغلى ما لديها، في معارك عملية الكرامة، وما قدمت من تضحيات، وعلى دوروها المتقدم، في تحقيق النصر على الإرهاب، تحية لشهداء طبرق تحية لجرحى هذه المدينة، وتحية لأسرهم جميعا، ولكل من لبى نداء الوطن وحمل السلاح، وقاتل من أجل عزته وكرامته.

أيها السادة الكرام،،

كنا نود ان نلتقي اليوم وبلادنا العزيزة في أحسن حال، تنعم مدنها وقراها جميعا بالأمن والاستقرار، وتشهد نهضة شاملة في كل الميادين، ويعم مناخ المصالحة والتاني والتكافل أوساط المجتمع بأسره، وتعمل مؤسسات الدولة بكامل قدراتها على خدمة المواطن، وتوفير متطلباته وضمان حقوقه، وفرص العمل متاحة للشباب في كل المجالات، وكل الليبيين ينعمون بالحرية والسعادة والرخاء، وهو ما كان ينبغي ان تحقق منذ زمن، بالنظر الى الخير الوفير الذي من الله به علينا، والتضحيات التي قدمها الشعب من أجل كل ذلك، والمعاناة التي مر بها خلال عقود متتالية، إن لم نقل أحقابا متعاقبة.

لكن الواقع الذي تعيشه بلادنا، يناقض كل تلك الأماني والطموحات، ولابد أن الحال لن يكون الا أكثر سوءًا وأشد قسوة، لولا انتصارنا على الإرهاب، ليبقى في نفوسنا ما يبعث فيها من مشاعر العزة والفخر، رغم ضنك الحياة وقسوتها.

أيها السادة الأعزاء،،

لقد دفعنا ثمن النصر على الإرهاب، ارواحا طاهرة ودماء زكية، ايمانا منا بأن الوطن الذي يمثل وجودنا وهويتنا وانتماءنا، ويمثل عزتنا وكرامتنا وكبرياءنا، يستحق هذا الثمن، ولسنا بحاجة للتذكير كيف كان حالنا، حين أحكم الإرهاب سيطرته على كل المرافق وعلى كافة شؤون الحياة، أو كيف سيكون لو لم ننتصر، لكننا بحاجة لان نستذكر دائما تكاليف هزيمته، ليكون بوسعنا تقدير ما يمكن أن نطالب به، وما ينبغي أن يكون عليه حالنا اليوم.

ان قوافل الشهداء والجرحى وحجم الدمار الذي خلفته نيران القذائف، والأموال التي انفقت لتوفير السلاح لمواجهة الإرهاب، في ظل الحظر الدولي على تسليحنا، وعمليات النزوح، وما صاحبها معاناة، وما تعرض له أطفالنا ونساؤنا وشيوخنا من رعب وفزع، جراء القصف المتواصل، وما ترتب على المعارك من إقفال للمدارس والجامعات، وتعطل لمرافق الدولة، وتوقف لمشاريع التنمية والتطوير، ان كل ذلك لثمن باهظ، لم يكن أمامنا مفر من دفعه بكل قناعة وايمان، مقابل كرامتنا، والعيش أسيادا فوق ارضنا، وما ان انتصرنا، حتى استبشر الليبيون خيرا بأن الخير قادم، لكن طال الانتظار، حتى فقد المواطن أمله في تحقيق أقل قدر من طموحاته.

ولا يفوتنا أن نكرر ما نؤكد عليه مرارا، بأن هزيمة الإرهاب على يد قواتكم المسلحة، ليست الا مرحلة أولى، لا يمكن تخطيها في طريق بناء الدولة، لتبدأ مرحلة العمل السياسي المدني، للانطلاق في هذا الطريق واستكمال المشوار دون المساس بكيان القوات المسلحة، أو فرض الوصاية عليها، أو إخضاعها لأي سلطة لا تستمد شرعيتها من الشعب مباشرة.

وكلما استبشر الليبيون خيرا، فاجأتهم النتائج بانغلاق الأفق السياسي، والعودة الى المربع الأول، حتى لم يغذ خافيا اليوم على الليبيين جميعا، بأن بلوغ توافق جامع، بين الأطراف المتصارعة التي تتصدر المشهد يقود الى حل شامل قد أصبح ضربا من الخيال، دون الحاجة الى القاء اللوم على طرفي دون آخر، ولم يعد هناك ما يمكن انتظاره ليجلب معه الفرج، سوى أن يقول الشعب كلمته الفصل، عاجلا غير آجل، ليقول كفى عبثا واستهتارا، كفى وعودا لا تسمن ولا تغني من جوع، ونزاعات لا تقود الا الى الهلاك، كفى استخفافا بطموحات المواطن وأمانيه، وتلاعبا بمصير الوطن وسلامته، ونهبا لثرواته وتفريطا في سيادته.

لن يقبل الشعب أن يرى وطنه يحترق ولا يحرك ساكنا، ولن يسمح لعبدة الكراسي، أن يسلبوا منه الإرادة، ويستخفوا بوجوده، ولن يسمح لصراعاتهم التي لا تنتهي، ان تقلب حياة المواطن الى بؤس وفقر وآلام، لينعموا هم بحياة الرفاهية من أموال الشعب، وقبل كل ذلك، لن يسمح بأن تضيع دماء شهدائه، وجرحاه هباء، جراء هذا العبث الذي يجر الوطن الى الهاوية.

ان الشعب يمهل ولا يهمل ولعله أمهل أكثر مما ينبغي، حتى بلغت المعاناة أقصى درجاتها، وتجاوزت حدود الصبر والتحمل، وتحولت الاماني والطموحات الى سراب يحسبه الظمآن ماء، وأصبحت السيادة الوطنية في مهب الريح، والخطر يحيط بوحدة الوطن، وسلمه الاجتماعي من كل جانب، وتجره الارادات المتناقضة، والصراعات الكبرى نحو المجهول.

لم يبق أمام الشعب الا خيار واحد، أن يتصدر المشهد بنفسه، ويعلن أن الشرعية له وحده، وأنه قد حسم أمره، بوضع حد لهذا العبث القاتل، وأن تتنادى قواه الوطنية، من كامل ربوع البلاد، في حراك مدني سلمي منظم، يزيح كل الحواجز التي تعيق التقدم الى الأمام، وينتج خارطة طريق، تحظى بتأييد الشعب ودعمه، وتضمن الوصول بالوطن إلى بر الأمان.

وحين يعلن الشعب ذلك، في كل المدن والقرى، شرقا وغربا وجنوبا، في كل الساحات والميادين سيجد جيشه الى جانبه في حمايته، كما كان دائما وكما سيظل دائما، لنقول لليبيا عندئذ: أبشري و أبشري و أبشري.

وختاما.. اسمحوا لي أيها السادة الكرام، أن أعبر لكم عن دعمي التام، لما جاء في بيان المدينة، الذي يؤيد حق المواطنين في التظاهر سلميا، ويستنكر عمليات التخريب والنهب، التي تعرض لها مؤخرا مقر مجلس النواب، والتي قطعا لا تمثل الا من قام بها، ولا تمثل أهالي المدينة، لأنها تتنافى مع طبيعتهم الوطنية والحضارية، وهم الذين تحملوا أعباء المسؤولية، وحرصوا طيلة سنوات عديدة متتالية، على سلامة السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد، والنواب الذين يمثلونها.

ونؤكد أن الاعتداء على مقر المجلس، يمثل تهديدا خطيرا للاستقرار الجزئي في البلاد، ويشجع أطرافا معادية للاستقرار والسلام في ليبيا على استغلال ذلك لتنفيذ أجندتها.

أكرر لكم التحية، وأدعو الله أن يحفظ بلادنا، وأن يوفقنا، ويسدد خطانا، وما توفيقي الا بالله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

زر الذهاب إلى الأعلى